لو لم تكن الأنثى تضجّ بالعاطفة لما استمالت إليها قلب رجل!!
ولو لم تكن أنوثتها منبعاً للحب والحنان غير المشروط لما ضمَّت إليها صدرها طفل!!
تلك العاطفة والأنوثة ينطق بها الجسد قبل الروح، وتلك هي فطرة الخالق سبحانه وتعالى وصبغته التي صبغنا بها نحن النساء قال سبحانه: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:18] وقال: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [آل عمران:36].
إنها العاطفة والأنوثة في كل شيء، إبتداء من ظاهر الجسد حتى أدقّ الخلايا!! ولهذا النداء العاطفي الجسدي الصارخ، أكرم الإسلام المرأة بالحجاب وصانها بالعفاف، وحرَّم عليها الخلوة بأجنبي، والسفر من غير محرم تركن إليه وتحتاج لغيرته ونخوته من غير خوف ولا ثمن!!
وحينما تمتلك المرأة قلباً ينبض بالحب والعاطفة، فإنَّ قدراً من ذلك يظهر على الجوارح والتصرفات، وأول ذلك صوتها الرخيم الناعم الذي يطرب القلوب بلا وتر!!
ولهذا حرَّم الإسلام عليها الخضوع بالقول خوفاً من طمع الذي في قلبه مرضٌ من الرجال، وثاني ذلك حركاتها ومشيتها والتي تضجّ بالأنوثة بفطرتها دون أدنى تزيين، والتي لابد لها منها، فجاء النهي عن التبرج بالزينة عند الخروج: {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} وعن إستثارة كوامن النفس ولفت الإنتباه إلى ذلك السحر الأنثوي الرباني بزينة ولو خفية كرنَّة خلخال أو نسمة عطر فواح!
قال تعالى: {ولا وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} وقال صلى الله عليه وسلم: «من أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة».
وحينما حباها الخالق دفء المشاعر وحرارة العاطفة التي تسري في أوصالها، حرَّم عليها أن تمسّ بيدها يدَ أجنبي عنها بمصافحة أو غيره، فقال صلى الله عليه وسلم: «إني لا أصافح النساء»، وقال: «لأن يغمز في رأس أحدكم بمخيط خير له من أن تمسّ يده يد امرأة لا تحلّ له».
إذا تقرر ذلك، فلماذا تغضب الأنثى مما يحفظ عليها أنوثتها؟
أرأيت صاحب كنز يرميه في الطريق؟
أرأيته وقد أتوا له بحرز أمين ليس له مفتاح في الدنيا سوى ما معه فيرفضه ويضع كنزه على رف مكشوف!!
إنَّ أنوثتك هي كنزك الذي حباك الله إياه، وإختارك له، فحافظي على ذلك الكنز أو دعيه، فلن يفرح به أو يحزن عليه إلا أنتِ، فأنتِ صاحبته والمستثمر الوحيد له!!
غير أني أهيب بك أن تكوني رقماً متسلسلاً في عالم الخسارات والتي فتحت أبوابها من كل الجهات، فتلك وهبت أنوثتها للإستهلاك، فخرجت متبرجة متعطرة في كل مكان.. وتلك بذلت صوتها الجميل سلسلة جلادٍ في عذابات ليل العاشقين عبر محادثات محرَّمة.. وثالثة أهدرت سحر عينيها عبر لثام أو نقاب ترمي به ذات اليمين وذات الشمال، ونسيت أنَّ حديث المحبين في دواوينهم يمكن أن يختزل كله في نظرة هي السهم الأول من سهام إبليس!!
إنها خسارات لا تضيف لك إلا مزيداً من الشقاء والتعاسة ومزيداً من رصيد السيئات، فكيف يمكن أن تصوني أنوثتك عن هذه الخسارات؟!
إنه المنهج الإلهي للعفاف عبر تلك الآيات، الذي هو أولاً وآخر: لكِ، لا عليك.
الكاتب: مها الجريس